تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
«طمنّي يا دكتور» عبارة شهيرة كثير ما سمعناها في أفلامنا، وارتبطت بالكشف المنزلي، فلم تخلُ الأفلام والمسلسلات العربية، قديمها وحديثها، من مشاهد «طبيب العائلة» الذي يُستدعى على عجل لإنقاذ مريض، فيظهر بوقار ورحمة حاملًا حقيبته الشهيرة، ويجلس إلى جوار المريض وسط قلق الأسرة وترقبها. وقد جسدت هذه المشاهد معاني إنسانية عميقة لهذه الخدمة الطبية الرحيمة.
كان الكشف المنزلي، أو استدعاء الطبيب إلى المنزل، حتى وقت قريب طوق نجاة للحالات الحرجة والأزمات الطارئة، وملاذًا لمرضى كادوا يفقدون حياتهم إثر وعكات صحية مفاجئة. وتوافرت هذه الخدمة عبر العيادات الخاصة، وعيادات الجمعيات الأهلية بالمساجد، والمستوصفات المنتشرة في المناطق الشعبية والريفية. وغالبًا ما كان الأطباء من أبناء الحي أو القرية، ما أسهم في ترسيخ علاقة ودّ وثقة بينهم وبين المرضى، وتحولت الخدمة إلى ثقافة مجتمعية راسخة.
فهل تراجعت هذه الخدمة في السنوات الأخيرة، وفي السطور التالية نرصد أسباب هذا التراجع، وما إذا كانت قد استُبدلت بخدمات أخرى، مع عرض لتجارب أسر مصرية مع الواقع الجديد.
حكايات ومعاناة
تحكي رضا سليمان، محامية، تجربتها مع الكشف المنزلي، مؤكدة أنها كانت تقيم في منطقة شعبية اعتاد أهلها الاستعانة بالأطباء في عياداتهم الخاصة أو عيادات الجمعيات الخيرية داخل المساجد.
وتروي: «في أحد الأيام سقطت والدتي في غيبوبة سكر، فسارع أخي باستدعاء الطبيب للكشف المنزلي، جاء الطبيب على الفور بحقيبته المعروفة، وكان لوجوده أثر بالغ في إنقاذ حياة والدتي، ولولا تدخله، لفارقت الحياة»، وتضيف أن هذه الواقعة لم تكن الأولى، إذ كان أهل المنطقة يلجأون دائمًا إلى الكشف المنزلي للحالات الحرجة والطارئة، باعتباره أسرع وأقرب من استدعاء سيارة الإسعاف.
أما مروان كمال، موظف فيقول: «والدي مسن ويعاني أمراض الشيخوخة، ومن الصعب نقله إلى الطبيب لإجراء كشف سريري كلما احتاج، كان ملاذنا الوحيد هو استدعاء طبيب للكشف المنزلي مهما بلغت التكلفة، لكننا اليوم نواجه صعوبة كبيرة في الحصول على هذه الخدمة، وغالبًا ما يكون الرد من سكرتارية الأطباء "الدكتور ما بيعملش كشف منزلي" حتى مع عرض مضاعفة المقابل، ولا أعرف سبب امتناع الأطباء عن تقديم هذه الخدمة الرحيمة، خصوصًا لكبار السن».
المراكز الطبية
يؤكد الدكتور طه مقبل، استشاري أمراض الكلى والسكر وطب الأطفال، أن الكشوفات المنزلية لا تزال موجودة بالفعل، لكن عبر استدعاء الأطباء من المراكز الطبية المنتشرة في الأحياء والمناطق، ويشير إلى أنه لا يوجد أي قرار وزاري يمنع الأطباء من إجراء الكشف الخارجي عبر عياداتهم الخاصة.
قرار الطبيب
وترى الدكتورة منال سالم، رئيس وحدة الاستغاثة والحالات الطارئة بوزارة الصحة، أن الكشف المنزلي شأن خاص بالطبيب، ويعود إلى حريته الشخصية في اتخاذ قرار الذهاب إلى المريض أو الاعتذار، بوصفه خدمة اختيارية، وتتساءل: «كيف يُقال إن هناك قرارًا بالمنع من جهة أخرى؟».
وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور أحمد بحلس، عضو مجلس نقابة الأطباء ومقرر لجنة الإعلام، أن الزيارات المنزلية للمرضى لم يصدر قرار بوقفها، وأن إتاحتها مرهونة برغبة الطبيب وظروف عمله، ويضيف أن وزارة الصحة أطلقت العديد من المبادرات والقوافل الطبية للوصول إلى المرضى، ووفّرت خدمات طبية متكاملة داخل المستشفيات، ويشدد على أن حالات الطوارئ لا ينبغي الكشف عليها منزليًا أو داخل العيادات الخاصة، بل يجب التوجه فورًا إلى طوارئ المستشفيات حفاظًا على سلامة المريض.
الاستثماري يدخل على الخط
وخلال رحلة البحث عن أطباء يجرون كشفًا منزليًا، وجدنا ان التكنولوجيا الحديثة أصبح لها دور فهناك شركات تقدم ما يشبه «مستشفى متنقل» مزودًا بأجهزة متعددة، وبمقابل مادي مرتفع للغاية، وهي خدمة لا تستهدف البعد الإنساني بقدر ما تستهدف الربح، وتخاطب فئة قادرة على تحمّل تكلفتها الباهظة.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية